الموضوع : مذكرتكم حول بعض القضايا الإستراتيجية.
تحية أخوية ،
لقد توصلنا برسالتكم المؤرخة 18 يوليوز 2014 ، و المرفقة بمذكرة تتضمن بعض القضايا الإستراتيجية بالنسبة لبلادنا ، ترغبون في أن يتم التشاور حولها بين مختلف الفاعلين السياسيين .
و إذ نحيي و بحرارة بادرتكم الطيبة هذه التي تنم عن تشبع حزبكم بقيم الديمقراطية ، و التي تعتمد في بلورتها أساس و إلزاما على التعددية الحزبية .
و إننا بدورنا عملنا جاهدين منذ أكثر من 10 سنوات ، من أجل إرساء حوار و نقاش هادئ و مستمر و مؤسساتي بين مجموعة من الأحزاب التي تجمعنا معها روابط كثيرة ، أهمها مصلحة الوطن و قضاياه الكبرى ، و الاختيار الديمقراطي انطلاقا من ضرورة المساواة على جميع المستويات .
و من الطبيعي ، بل أصبحت ضرورة ملحة أن تكون لدينا أحزاب رائدة كرافعة و قافلة تعدد التوجهات السياسية الكبرى ، تعتمد في عملها على التشاور و التنسيق في المواقف و الرؤى مع بعض الأحزاب التي تحمل نفس الأفكار ، و نفس التوجه ، لتشكل قطبا و اتجاها واحدا مهما كان هناك من اختلاف في الجزئيات .
هذه النظرة سبق أن بدئها حزب الوسط الاجتماعي مع مختلف الفاعلين السياسيين ، من أجل بناء أقطاب قوية و رصينة تؤسس على الواقعية و الرؤى المشتركة في أغلب القضايا و التوجهات السياسية لبلادنا ، على غرار التجاري في الدول الديمقراطية التي نتطلع أن نحذو حذوها .
و اعتبار لكونكم حزبا رائدا و متميزا طرحتم علينا عدة نقط للمناقشة ، هي في الواقع موضوع اهتمام كافة الأحزاب السياسية ، ومن ضمنها حزب الوسط الاجتماعي ، نعتقد أننا لا نختلف في أغلب محاورها .
غير أنه لا بد من الإشارة باختصار إلى الملاحظات التالية :
بالنسبة للجهة الأولى :
فإننا نعتبر أن السيادة الوطنية المغربية على أراضيه غير قابلة للمساومة ، أو التفاوض كيفما كان ، و سبق أن لاحظنا في عدة مداخلات رسمية ضرورة تحمل الفاعلين الحزبيين ، و غيرهم مسؤولية تأطير المواطنين في الصحراء المغربية ، لوجود فراغ حزبي على مستوى القاعدة الشعبية بالنظر إلى حجم الاطلاع بتدبير الشأن المحلي .
بالنسبة للجهة الثانية :
فإننا نناضل ضد كل من يحاول أن يخلق خلافا أو تمييزا بين المغاربة عرقيا ، أو دينيا ، أو جغرافيا ، أو لغويا ، مؤمنين بأن قوة هذا الوطن تكمن في تعدديته ، و انصهارها بشكل أصبح صمام أمان يضمن وحدة الوطن على الدوام .
غير أننا لاحظنا تلكؤ الحكومة الحالية في تطبيق الدستور بصفة عامة ، و على الخصوص في القضايا الجديدة التي تميز بها ، و على رأسها التعدد الثقافي ، اللغوي و الإتني ... الخ
الجهة الثالثة و الرابعة :
إذا كان خطاب 9 مارس 2011 لصاحب الجلالة و الدستور اللاحق له ، يجعل على عاتق الأحزاب السياسية طبقا للفصل 7 مسؤولية تأطير المواطنات و المواطنين و تكوينهم سياسيا على أساس التعددية و التناوب ، فإن الفصل 6 قبله من الدستور ينص على ضرورة المساواة بين جميع المواطنين بما فيهم السلطات العمومية، و المؤسسات، غير أننا لاحظنا ، وربما ستلاحظونه أنتم بدوركم غياب المساواة بين الأحزاب سواء في :
•الاستفادة من الإعلام العمومي .
•الاستفادة من الدعم العمومي للأحزاب .
•تهميش باقي الأحزاب السياسية و عدم إشراكهم في اللجان السياسية ... الخ
في حين يلجأ إليهم في القضايا الكبرى ، لتأثيث المشهد السياسي إن صح التعبير ، و قد ارتأينا الإشارة إلى بعض الإخلالات بالتعددية الحزبية لكوننا مقتنعين أنكم تحملون فكرا و مشروعا ديمقراطيا ، لن تغيب عنكم هذه الوضعية .
أما بالنسبة لقضية المرأة ، فإن الجميع مقتنع بدور المرأة في المجتمع قبل أن تكون فاعلا سياسيا ، فهي فاعل اقتصادي بالدرجة الأولى ، غير أن تراكم اضطهاد المرأة منذ العصور القديمة حال دون دخولها مجال تدبير الشأن العام ، و لذلك تحتاج إلى تشجيع و عناية خاصة لتطلع بدورها .
و إذا كان لابد من مناقشة الانتخابات المقبلة ، فإن جملة من المبادئ العامة و القوانين الانتخابية المرتبطة بها منذ 2002 ، غيرت و أثرتا بشكل سلبي على التنظيمات الحزبية انطلاقا من المبدأ الذي يعتمد على تغليب الاقتصادي على السياسي ، الشيء الذي أفرغ الأحزاب السياسية من الأطر الفاعلة ، وبالتالي من تدبير الشأن العام.
علما أن هذا الجانب يؤثر أيضا على مصداقية الانتخابات المعتمدة على نمط الاقتراع باللائحة ، الذي يشكل معبرا حصريا للأعيان لتدبير الشأن العام ، وتسيير الأحزاب أيضا ، عبر الاستغلال المفرط للأموال .
وإجمالا فان حزب الوسط الاجتماعي مهيأ للحوار ، و النقاش في جل القضايا التي ترون طرحها .